تدخل رجال التدخل “السريع السيمي” ورجال القوات المساعدة، بعنف كبير لتفريق اعتصام سلمي، خاضه عمال المجمع الشريف للفوسفاط غير المدمجين، أمام مقر إدارة الفوسفاط بخريبكة، نهاية الأسبوع الأخير، ما تسببت عنه إصابات جسدية، في صفوف المحتجين وحالات إغماء، تعرضت لها الزوجات والأبناء، الذين كانوا يعتصمون رفقة آبائهم، طلبا لإعادتهم للعمل وتجنيبهم التشرد.
وعاينت «الصباح»، مباغتة رئيس فرقة التدخل السريع، للشرطة بالزي الرسمي، للمحتجين وأبنائهم وزوجاتهم، بالدفع والركل، ما أثار حالة من الهيجان، خلف السياج الحديدي الذي كان يخوض خلفه عشرات العمال الموقوفين، من قبل إدارة المجمع الشريف للفوسفاط، اعتصامهم المفتوح أمام إدارة الفوسفاط. وانهالت هراوات «السيمي» والقوات المساعدة، على عشرات العمال المحتجين، الذين اضطروا إلى المغامرة، بأجسادهم لتلقي الضربات العشوائية، وحماية الأجساد الصغيرة لأطفالهم وزوجاتهم، من ضربات عنيفة وقوية، لحظات قبل موعد إفطار نهاية الأسبوع الأخير، وتعالت صيحات المصابين تحت أقدام رجال الشرطة، وأثار مشهد هروب النساء حافيات، رفقة أطفالهن بالشارع العام، موجة استنكار من قبل المواطنين.
وتتوفر “الصباح” على صور وشريط فيديو، للاعتداء العنيف الذي افتتحه رئيس فرقة التدخل السريع، بتمزيق لافتة المحتجين من على واجهة السياج الحديدي، وإعطائه أوامر شفهية لعناصره، المدججة بالعصي بالتدخل، بعبارة “فرقوا عليا هاذ الزبل”، لتنطلق فصول نزول الهراوات على عشرات العمال، بمناطق مختلفة من أجسادهم، ولم تسعف الدماء المتطايرة من رؤوس المحتجين وسقوط بعضهم أرضا، جراء قوة الإصابة (لم تسعف) رجال القوات العمومية، في رحمة المصابين وإعطائهم الفرصة، لإسعافهم ونقلهم للعلاج، حيث توالت فصول أخرى من التهديد والسب والشتم، أمام عدسات رجال الإعلام، وكاميرات الهواتف المحمولة للمواطنين.
وتعالت احتجاجات أعضاء المكتب النقابي، وباقي المحتجين أمام حضور مختلف الأجهزة الأمنية، رافضين تعنيفهم وضربهم أمام زوجاتهم وأطفالهم، ما تسبب في هلع وخوف وسطهم، إثر روعة المشهد المخيف، لرجال القوات العمومية، الذين سددوا الضربات والركلات لأباءهم، بعد أن اختارت النساء الهروب حافيات، واختار العشرات من المعتصمين، الركوب التلقائي داخل سيارات الشرطة، مطالبين باعتقالهم جماعيا، عوض الاعتداء عليهم أمام أسرهم وهم صيام.
واستغرب “حمزة- جديد” نائب الكاتب العام، لنقابة عمال الفوسفاط غير المدمجين بخريبكة، لعدم احترام رجال الشرطة للقوانين الجاري بها العمل، في إخبار المحتجين بإخلاء الساحة المقابلة، لإدارة الفوسفاط حيث كان العمال يعتصمون، إذ غلب الجانب الانتقامي لرجال “السيمي”، في تعنيف العمال المطرودين من عملهم، ليضيف المسؤول النقابي ذاته، أنه “بعد احتجاجنا على هذا السلوك، ظهر رجل أمن بلباس رياضي، يحمل مكبر صوت وسط الشارع العام، بعد أن رسمت الهراوات أثارها على أجساد غالبية المحتجين“
وخلفت تفاصيل الحادثة المؤلمة، التي نشرت على نطاق واسع، بمواقع التواصل الاجتماعي والفضاء الأزرق، موجة من الاستنكار والتضامن، من قبل عدة تنظيمات سياسية ونقابية و شبيبية، إضافة إلى جمعيات حقوقية وفعاليات المجتمع المدني بخريبكة.
وطالبت الشبيبة الاتحادية، والجمعية المغربية لحقوق الإنسان، والفدرالية الديمقراطية للشغل، والكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والاتحاد المغربي للشغل، في بيانات استثنائية لأجهزتها التقريرية المحلية، الوكيل العام للملك باستئنافية خريبكة، بفتح تحقيق قضائي حول تفاصيل النازلة، وعرض الضحايا للفحص الطبي، وتحديد المسؤوليات وتطبيق القانون، ضد كل المسؤولين الذين عبثوا، بصحة وحياة عمال كانوا يحتجون بطريقة سلمية،
ووضعت الهيآت المذكورة، نفسها رهن إشارة التحقيق القضائي، وأرفقت بياناتها بصور وأشرطة فيديو، تفضح المعتدين وهوياتهم الكاملة، وتبين نوعية التعنيف المبالغ فيه، الذي استعملته القوات العمومية بخريبكة، للنيل من عمال أنهكهم التوقيف عن العمل وتوقيف أجرهم الشهري، قبل أن يزداد تأزم وضعيتهم النفسية، بفعل تعذيبهم وتعنيفهم بالشارع العام، أمام أطفالهم وزوجاتهم.
وطالب المكتب النقابي، لعمال الفوسفاط غير المدمجين بخريبكة، في بيان استعجالي الاثنين الماضي، بمحاكمة رئيس الفرقة 19 للتدخل السريع، الذي تزعم ونفذ رفقة عناصره، مدججين بالهراوات والدروع الحديدية، مجزرة دموية على أجساد عمال وعائلاتهم، طردتهم إدارة مجمع الفوسفاط، من أوراش العمل انتقاما منهم على خوض احتجاجات يومية، طالبوا من خلالها إدارة التراب، بترسيمهم بصفوف هياكل الإدارة الفوسفاطية.
وقرر المكتب النقابي، في بيان توصلت “الصباح” بنسخة منه، خوض إضراب إنذاري عن العمل، لمدة يوم واحد بجميع أوراش مجمع الفوسفاط، مصحوب باعتصام سلمي أمام إدارة الفوسفاط بخريبكة، رفقة العائلات.